موضوع: *** الحب العذرى** الأحد 07 نوفمبر 2010, 5:33 pm
*** الحب العذرى** هو حب عف لأنه حرم المتعة الجسدية ، وهو عاطفة صادقة لأنه يدوم ويستمر ويبقي على الرغم من الحرمان والجوي والفراق القاتل … ثم هو ذلك حب يتسامي فيه صاحبة ، لانه يحرص على القيم الإنسانية والمثل العليا ولا يقف عند مجرد الحسرة والندم على الحرمان ، من متع الحب العذري وصال الحبيب . فالحب العذري حب جارف قوي عارم فهو حب لا يلتقي فيه الحبيبان مما يجعل صاحبة يقاسي اشد ايام حياته فليله نهار ونهاره عذاب كما عاشها أصحابها . وفي هذا الحب يصدق فيه الإنسان مع حبيبة بان يعطية الوفاء والعهد
وان نظرت الي غزل الحب العذري تجد انه الغزل المسيطر عليه هو عزل العف الخالي من الجنس .
وقد نشاء الحب العذري في بادية الحجاز ونجد وكان بمثابة رد فعل للغزل اللاهي في المدن ، فلوعة شاعر البادية بتصوير عاطفتهم في ثوب جديد عف ، يرضي عنه الخلق ، ويوفق بين مطالب الجسد والروح .
وقد نشاء الحب العذري بعد السلام ، واتضحت سماته في عهد الأمويين .
وقد عاش هذا الحب قيس ابن الملوح وليلي وقد تجد قصيدة المؤنسة هي القصيدة الأكثر شيوعا في حيات قيس فقد كان يرددها دائما وكانت تؤنسه في خلوته عندما كان يهيم بها . وهي قصيدة طويلة جدا نأخذ منها بعض المقتطفات
إذا جئتكم بالليل لم أدر ما هيا **** فياليل كم من حاجة لى مهمهة وجدنا طوال الدهر للحب شافيا**** لحي الله أقوما يقولون أننا قضي الله في ليلي ، ولا قضي ليا **** خليلي ، لأ والله لا أملك الذي فهلا بشئ غير ليلي ابتلاني**** قضاها لغيري ، وابتلاني بحبها
يكون كافيا لا علي ولا ليا**** فيا رب سو الحب بيني وبينها ولا الصبح إلا هيجا ذكرها ليا **** فما طلع النجم الذي يهتدي به فهذا لها عندي ، فما عندها ليا **** فاشهدو عند الله اني احبها وبالشوق مني والغرام قضي ليا **** قضي الله بالمعروف منها لغيرنا أبيت سخين العين حيران باكيا **** معذبتي لولاك ما كنت هائما هواك فيا للناس قو عزائيا **** معذبتي قد طال وجدي وشفني ألا يا حمام العراق أعنني**** على شجي وابكين مثل بكائيا
يقولون ليلى في العراق مريضة**** فيا ليتني كنت الطبيب المداويا فيا رب إذ صيرت ليلي هي المنى**** غرامي لها يزداد إلا تماديا
قيس وليلى
ولا يذكر الحب في شعرنا العربي إلا ويذكر مع مجنون ليلى هذا الاسم الأسطورة ، الذي صارع علما على نوع الحب هو الحب العذري
ونأخذ لمحة علي حيات قيس وحبيبته ليلي
عاش مجنون في عصر الدوله الامويه ،استمرت حياته حتى عام سبعين من الهجرة ، وأن اسمه الكامل هو قيس بن الملوح بن عامر بن صعصعة ، وان ليلي التي احبها وهام بها وقضي بسبب حبها هي ليلي بنت مهدي بن سعد بن كعب بن ربيعة … وان كليهما نشأ في بيت ذي ثراء وافر وخير كثير .
في رحاب الصحراء العريبة وتحت خيامها ، وظلال كثبانها ومنعطفات أوديتها .، نما وترعرع حب الفروسية الأصيل فالبادية ايقضت وجدان الشاعر العربي الحديث عن الحب فقد أحبا قيس ليله منذو الصغر وترعرعا حتى الكبر وقصتهما طويله جدا ولكن السبب الذي بعد قيس عن ليلى هو التشبيب والغزل الصريح مظنه صله بها قبل الزواج ، ومبعث ريبة في أن الزواج لم يتم بينهما إلا ستر للعار
وتحرم ليلي على قيس وتجبر على الزواج من غيره ولا يحتمل قيس وقع الكارثة ، فيهيم على وجهه ويختبل عقله وتدركه المنية وهو علي هذا الحال ..شاردا ذا هل اللب فيما يشبه الجنون .
جميل بثينه
وقد لحق بقيس ابن الملوح جميل بن معمر وحبيبته بثينه
ومن هذا الشاعر نتعرف على ارقي نمازج الحب العذري واصفها وأصدقها وترا وأشدها حرارة ، وهو شعر يمتلى بشكاوي النفس وما يلاقيه المحب المتيم من تباريج الوجد وقسوة البعد ومرارة الحرمان ولكن مع ذلك صادق اللوعة ، عف الضمير واللسان ‘ رصين التعبير غني القلب مرفوف الحي والشعور . ثم هو شاعر عاشق يرضي من محبوبته بالقليل ، بل اقل القليل وقد نجده انه دائم الحديث عن بخل حبيبته . ولكنه حديث الرضي المستسلم لا يسخط ولا يغضب ولا يتمرد ولا يهدد ولا يتوعد أو يثور ، وانما هو مكتف بمجرد الاشاره الي بخل بثينه بكل ما من شانه يملا حياته نعيما وبهجة ، بخلها بالوصال ، باللقاء بري الصدي المتعطش .
ويحدثنا التاريخ أن جميل بن عبد الله بن معمر العذري قد سبت فؤادة بثينه بنت حبا بن جن بن ربيعة العذري . فالشاعر وحبيبته ينتميان لشجره واحدة في النسب ويقيمان معا في مكان واحد هو وادي القري وهو موضع في الحجاز قرب المدينة
وكما حدث لقيس بن الملوح وليلاه بعد أن ذاعت قصة حبهما وتناقلت أخبارهما الركبان ، فحرمت عليه وزوجت غيره ، حدث هذا لجميل وبثينه بعد أن ذاع شعره فيها وهيامه بها ، وتحدث به الناس في القبيلة وخارج القبيلة جتئ إذا جاء جميل إلى أبيها خاطبا ورففضه أبوها خشية أن يقال انه زوجها ستر لعارها . وتزوجت بثينة إلي فتي من عذره : هو نبيه بن الأسود ، ولكن زوجهما لا يمنع جميلا عنها ، فهو يزورها خفية في بيت زوجها ، ويقول فيها القصيدة بعد القصيدة ، وهي تساعدة أحيانا ثم تصد عنه أحيانا أخري ، وهو في الحالين مستطار اللب طائر العقل ، مسلوب القلب وتمضي الأيام ويدب اليأس في قلب جميل ، فيهاجر إلى مصر ويمرض فيها مرضة الأخير .. حتى إذا حضرته الوفاء كانت أخر كلماته من اجل بثينه حبا وتذكرا وتعلقا ووفاء ( ما اجمل الوفاء يا من تحبون ) حتى الرمق الأخير ، ويموت جميل سنة اثنين وثمانون للهجره . ويبقي من بعده صوته الشعري المتوهج بالحرارة والصدق ، ينطبق بعذريته وصدق حبه ومكابدته ..
ألا إنها ليست تجود لذي الهوى**** بل البخل منها شيمة وخلائق وماذا عسي الواشون ان يتحدثوا**** سوى ان يقولوا إنني لك عاشق نعم صدق الواشون انت كريمة **** على وان لم تصف منك الخلائق
أحبابي إليكم اشهر قصائد جميل و أطولها ولكني سآتيكم بمقتطفات منها وهذا الغزل العذري على لسان جميل إضرابه اعمق التأثير في النفس شديد أثاره للعاطفة وهو عزل لا يتوقف عند مجرد التشبيب بمحاسن المرآة ومفاتنها – على عادة الشعر العربي القديم – وانما هو يتجاوز ذلك إلى الامتلاء الروحي بنفس الشاعر ومشاعره وآلامها وآمالها ، والتعبير عن الطبيعة العفة الصادقة للحب التي تربطه بحبيبته التي وقف عليها قلبه دون سائر النساء .( وإذا أردتم الاستفسار عن هذا يرجى مراسلتي ) .
ويقول جميل
ألا ليت ريعان الشباب جديد**** ودهر تولي – يابثين – يعود فنبقي كما نكون ، وانتمو**** قريب واذا ما تبذلين زهيد خليلي ما ألقي من الوجد باطن **** ودمعي بما أخفي الغداه – شهيد إذا قلت ما بي يا بثينه قاتلي **** من الحب ، قالت : ثابد ويزيد وان قلت ردي بعض عقلي اعش به**** تولت وقالت : ذاك منك بعيد فلا انا مردود بما جئت طالبا **** ولا حبها فيما يبيد يبيد وقلت لها : بيني وبينك فاعلمي **** من الله ميثاق له عهود وافنيت عمري بانتظاري وعدها **** وأبليت فيها الدهر وهو جديد ويحسب نسوان من الجهل أنني **** إذا جئت إهين كنت أريد فاقسم طرفي بينهن فيستوي **** وفي الصد بون بينهن بعيد ألا ليت شعري هل أبيتن ليه **** بوادي القري إني إذن لسعيد وهل اهبط ارضا تظل ريحها **** لها بالثنايا القاويات وئيد يموت الهوي مني إذا ما لقيتها **** ويحيا ّأ فارقتها فيعود يقولون : جاهد يا جميل بغزوه **** واي جهاد غيرهن أريد لكل حديث عندهن بشاشه **** وكل قتيل عندهن شهيد علقت الهوي منها وليدا فلم يزل **** الي اليوم حبها ينمي حبها ويزيد فهل ألقين ببثينه ليلة **** تجود لنا من ودها ونجود من كان في حبي بثسنه يمتري**** فبرقاء ذي ضال على شهيد
وهكذا حكم على جميل كما حكم على قيس ونرحل مع قصة من قصص الحب العذري وهي قيس ابن ذريح بن الأحباب بن سنه وينتهي نسبة إلى حزيمة من عرب الشمال ويقولون انه من أعراب الحجاز ، أما لبني هذه التي تتغني بها قيس ، وصار منسوبا أليها ، فهي لبني بنت أحباب أم معمر ، من بني كعب من خزاعة ، يصفونها بأنها كانت مديدة القامة ، يخالط سواد عينها زرقة ، حلوه المنظر والكلام ويقولون أنها كانت بهية الطلعة ، عذبه الكلام سهله المنطق . وتبدأ قصة قيس من هذه أصوره
واعذروني أن اختصرت القصة فهي شيقة جدا يحبها كل قلبا يملى روحة الحب والحنان والطيبة والعطف ليس مثل قلوب ناس أهل الزمن هذا الملي بالحقد والخيانة . وقد تسبب بجروح كثيره في قلوب العاشقين والمحبين ؟ !
إليكم القصة :
في أحد زيارات قيس لأخواله ، اشتد به الحر فشعر بالظماء ، فوقف على خيمة والرجال غائبون ، فطلب ماء فبرزت له لبني فسقته واعجب بها ، وطلبت له أن يستريح عندهم حتى تخف وطاه القيظ( الصحراء) فلبها وتحادثا ، فملكت عليه فؤاده . وملك عليها فؤادها ، وقدم أبوها فرحب به ونحر له ، واحتفي وأكرمه . وانصرف قيس وقد غلب عليه الهوي . فأنطقه شعر وراه الرواة ، وشاع في المجالس .
ونأتي هنا كي نقول أن الحب العذري قد وصل إلى اللقاء وهذا شئ كبير ؟وتزوج قيس من لبني ويجتمع شمل المحبين ، ويقيمان أمدا في ظل السعادة ورافه وهناء متصل . ولكن قيسا وحيد والدية الثريين – ينسبة حبه للبني وزواجه منها كل شئ أخر في حياته .فتغضب أمه لما تري من اغتصاب امرأة أخري له فتكيد لزوجته وتتفنن في الإيقاع بينهما .. وخاصة
أن لبني لم تنجب من قيس ويستمر الحال على هذا عشر سنوات ، ويجتمعون عليه أبوه وقومة ناصحين له بالزواج من أحد بنات عمه لعل الله يهب له ولد يرث ثروه الاسراه من بعدة . ولا ستجيب لهما قيس .. فيأتيه القوم يعظمون عليه الأمر حتى استطاعوا أن يجعلوه يطلق لبني فيطلقها . في لحظة ضعف قاتله .
ثم لا يلبث قيس أن يستشعر وقع الفجيعة ، فجيعته في حبه ويحس بالفراغ الذي خلفته لبني في حياته ، واللوعة التي ملكت كل جوانحه فينطلق لسانه بالأشعار الباكية .
وها نحن نقف إمام قصة من قصص الحب الذكري بطلها عاش مستهيل القرن الأول الهجري – فالروايات تذكر لنا أن قيسا ولد بين عامي أربعة وسته للهجره واختلطت قصتهما بما تمتلي به من حكايات الأشعار . ونجد في شعر قيس لبني مقطوعات ينتزعها مع مجنون ليلي ‘ فضلا عن قصائد أخري ينتزعها مع جميل وبثينه وابن الدمينة وكثير عزة وعروه بن حزم .
اما في شعر قيس بن ذريح ما نجدة في شعر العذريين من رقه وجزاله وعاطفة صادقة مشبوبه .. و أطول قصائدة واشهرها هي قصيدته العينية والتي نطالع فيها صوره صادقة لحبة العميق للبني متظمنة ندمة ( كما قلت لكم الحب العذري يخلو من الندم ) ؟ (وأي معلومه أخوكم مستعد للرد عليها ….) ولوعته بعد طلاقها ولكن هيهات ينفع الندم ، إن خلاصة الوحيد في البكاء ..وبث شجونه ولوعة هيامة خلال أبيات يرسلها وقد حملت زفرات من سعير قلبه حرارة معاناته .
ويقول قيس في طلعها .
عفا سرف من اهله فسراوع **** فجنبا أريك فالتلاع الدوافع لعل لبني أن يحم لقاؤها **** ببعض البلاد أنا ما حم واقع بجزع من الوادي خلا عن انيسه **** عفا وتخطة العيون الخوادع ولما بداء منها الفراق كما بدا **** بظهر الصفاء والصلد الشوق الشوائع اتبكي على لبني وانت تركتها **** وكنت كآت غيه وهو طائع فلا تبكين في إثر شئ ندامة**** إذا نزعته من يديك النوازع فليس لامر حاول الله جمعه **** مشت ولا ما فرق الله جامع وكيف ينام المرء مستشعر الجوي **** ضجيع الاسي فيه نكاس روادع فلا خير في الدنيا إا لم توتنا **** لبني ، ولم يجمع لنا الشمل جامع ألست لبينى تحت سقف يكنها **** وإياي هذا إن نات لي نافع فقد كنت ابكي والنوي مطمئنة **** بنا وبيكم من عالم ما البين صانع فيا قلب صبرا واعترافا لما تري **** ويا حبها قع بالذي انت واقع أحل على الدهر من كل جانب **** ودامت فلم تبوح على الفجائع فمن كان محزونا غدا لفراقنا **** فملآ قلبك لما هو واقع
وهكذا استطاع الواشون أن يبعدو قيس عن حبيبته لبني وها هو يتجرع ما قد تجرعة من سبقه من عاش هذا الحب الطاهر ،ويكتب عليهما القدر الفراق المرير والبكاء الطويل فرحماك بنا يأرب .
كثير عزة
ثم ننتقل إلى من عاش هذا الحب مع كثير وعزه
هو كثير بن عبد الرحمن الخزاعي شاعر حجازي من شعراء لعصر الأموي ، ويكني أبا صخر ، واشتهر بكثير عزه نسبه إلى محبوبته عزه التي قال فيها شعر في الغزل والتشبيب .والعزه في اللغو هي بنت الظبية
، أما عزه هذه فهي بنت خميل بن حفص وكنيتها أم عمر وكان يطلق عليها أيضا الحاجبة نسبة إلى جدها الأعلى .
وقد قيل عن كثير انه اشهر شعراء الآلام في زمانه
وقد كان وصفة انه قصير شديد القصر ومن هنا كانت تسميته بكثير
على سبيل التصغير : وياريت كثير يطوف بالبيت فمن حدثك انه يزيد عن ثلاثه أشبار فلا تصدقة . وكان كثير إذ ادخل علي عبد الملك بن مروان – الخليفة الأموي يقول طأطي راسك حتى لا يصيبه السيف ويصرخ كثير نفسه بهذا القصر في شعره فيقول
,أن أراك قصيرا في الرجال فأنني إذا حل أمر ساحتي لطويل ويضفون انه كثير لاعتداد بنفسه ، كثير العجب والزهو والخيلاء
ويتفنن الرواة في صياغة أخباره وقصصه مع محبوبته عزة ، وكيف بدأ تعشقه لها ، فيقولون انه مر ذات يوم بنسوه من بني حمزة ومعه قطيع أغنام فأرسلن إليه عزة وهي بعد صغيره فقالت له : تقول لك النسوة بعنا كبشا من هذه الغنم ، أنسئنا بثمنه إلى أن ترجع – أي أمهلنا في دفع ثمنه حتى تعود –فأعطها كثير كبشا ، ووقعت هي في قلبه موقعا عظيما ، فلما رجع جاءته امرأة منهن بدرهمه فقال لها : أين الصبية التي أخذت مني الكبش ؟ قالت وما تصنع بها ؟ هذا درهمك ، فقال : لا اخذ درهمي إلا ممن دفعت إليه : وانصرفت وهو ينشد
قضي كل ذي دين فوفى غريمه**** وعزة ممطول معني غريمها
فقلن له : أبيت إلا عزة أبرزنها له وهي كاره ثم أنها احبيه بعد ذلك أشد من حبه لها .وكما روي أن عبد الملك بن مروان سأل كثير عزة عن أعجب خبر له مع عزة فقال : يا أمير المؤمنين حججت ذات سنة وحج زوج عزة معها ولم يعلم أحد بصاحبه ، فلما كنا ببعض الطريق أمرها زوجها بابتياع سمن تصلح به طعام لرفقته فجعلت تدور الخيام خيمة خيمة حتى دخلت إلي وهي لا تعلم إنها خيمتي وكنت أبري سهما ، فلما رأيتها جعلت أبري لحمي وانظر اليها حتى بريت ذراعي وأنا لا اعلم به والدم يجري ، لما علمت ذلك دخلت إلي فامسكت بيدي وجعلت تمسح الدم بثوبها ، وكان عندي نجئ سمن ( وعاء سمن) فحلفت لتأخذه فأخذته ، وجاء زوجها فلما رأي الدم سألها عن خبره فكاتمته حتى حلف عليها لتصدقنه فصدقته فضربها وحلف عليها لتشتمني في وجهة فوقفت علي وقالت لي وهي تبكي : يا ابن (…)أنشدت
خليلي هذا ربع عزه فعقلي**** قلوصيكما ، ثم ابكيا حيث حلت ومسا ترابا كان قد مس جلدها**** وبيتا وظلا حيث باتت وظلت وما كنت ادري قبل عزة ما البكا**** ولا موجعات القلب حتى تولت أناديك ما حج الحجيج وكبرت **** بفيفا عزال رفقة واهلت وما كبرت من فوق ركبة رفقة **** ومن ذي عزال أشعرت واستهلت تمنيتها حتى إذا ما ريتها **** رأيت المنايا شرعا قد أظلت فلا يحسب الوشون أن صبابتي **** بعزة كانت غمره فتجلت فو الله ثم الله ما حل قلبها **** ولا بعدها من خله حيث حلت فيا عجبا للقلب كيف اعترافه **** وللنفس لما وطنت طيف ذلت واني وتهيامي بعزة بعدما**** تخليت مما بيننا وتخلت
فانسأل الواشون فيم هجرتها**** فقل نفس حر سليت فتسلت
وكما يضيف الرواه أن عدد من النساء اللواتي شيعنه عند موته كان اكثر من عدد الرجال ، وكن يبكينه ويذكرن عزة في ندبهن .. وكانت وفاته في خلافه يزيد بن عبد الملك سنه خمس ومائة من الهجرة .
عنترة وعبلة
قصة حبة قد تكون عذرية لاكنها حصلت في العصرالجاهلي
هو عنترة بن شداد بن قراد أحد أفراد قبيلة عبس , ولد من أم حبشية فجاءت بشرته كاحله السواد حتى عد من اغرب العرب ، وقد تنكر له والده في مطلع حياته ، ولم يلحقه بنسبة شانه شان أبناء الإماء لا يعترف بهم آباؤهم إلا إّذا ذاع لهم صيت يغنون به عن النسب ، وقد دفع عنترة إلى رعاية الأغنام والإبل ، يحيا حياه قاسية ، ظلمة جاحدة ، يلقي احتقار القوم بمضض وتمرد وهو لا يبرح يتوقع واقعة ممكنة من إظهاره تفوقه وبطولته وحاجة قبيلته إلى قوه ساعده .
ولم يلبث عنترة أن فتن بابنة عمه (عبلة ) التي لا سبيل لها ،يمنعه من الوصول إليها سواد لونه واحتقار عمه وسائر أفراد القبيلة له . ولم يقبل عنترة هذا المصير فاعلن عصيانه ، وتمرد على واقعة وجعل حياته سلسله من التحدي ، جاعلا قيمة المرء في أفعاله وقدرته الخاصة ، وسعى إلى الحرية ، وأبى أن يعاقبه المجتمع على أمر لا يد له فيه ، ولون لا دلاله إنسانية له . حتى تنازل الكثير من ساده القبيلة واعترف بنسبه أخيرا ، ولكن عمه رفض أن يزوجه عبلة فضل يهيم بها ويكتب الأشعار . وعبلة أخذها أبوها من القبيلة وهاجر بها وبقي عنترة يقتفي أثرها فلا وصل إلى مطلبه حتى لاقى حتفه .
ومن أحد قصائده الرائعة نأخذ مقتطفات يقول في مطلعها :- هل غادر الشعر من متردم**** هل عرفت الدار بعد توهم
يا دار عبلة بالجوى تكلمي**** وعمى صباحا دار عبلة واسلمي
إن تغدفي دونى القناع فانني ****طب بأخذ الفارس المستلئم
أثني علي بما عملت فانني ****سمح مخالطى إذا لم أظلم
ولقد ذكرتك والرماح نواهل****مني وبيض الهند تقطر من دمي
هلا سألت الخيل با ابنه مالك ***ان كنت جاهله بما لا تعلمي